FONT>
كما أن التكوين النفسي والجنسي يتأثر بالعلاقة بالأبوين، فقد يكره الطفل أحد الأبوين ويتوحد بالآخر، فتتشكل هويته الجنسية تبعًا لذلك.
في بعض الحالات قد تتنافر هذه العوامل أو تتصارع فتؤدي إلى حالة من الانشقاق بين الجسد والنفس، فقد يكون الجسد جسد أنثى، ولكن التركيبة النفسية تنتمي لعالم الذكورة، وهنا يحدث ما نطلق عليه حالات اضطراب الهوية الجنسية، وأشهرها وأكثرها إثارة للجدل حالة التخنث (Transsexualism)، وفيها يكون الجسد مكتمل الأنوثة مثلاً من الناحية التركيبية، ولكن المشاعر تنتمي لعالم الذكور، أو العكس حيث يكون الجسد متصفًا بكل مواصفات الذكورة، ولكن التكوين النفسي أنثويًّا.
أما حالات التخنث فهي تشكل أزمة لصاحبها أو صاحبتها،.
وفي الدول العربية والإسلامية غير مسموح على المستوى الطبي وأيضًا على المستوى الديني إجراء عمليات تغيير الجنس؛.
التحول.. المشكلة أم الحل؟!
فقد ثبت من دراسات عديدة أن إجراء عمليات التحول لا ينهي المشكلة، بل يظل الشخص في دوامة من المتاعب النفسية والاجتماعية حتى في المجتمعات التي تقبل إجراء مثل هذه العمليات، هذا فضلا عن التشويه الجراحي البالغ في الأجهزة التناسلية وفي الجسد عمومًا والذي يجعل الشخص غير قادر على الحياة الطبيعية التي يتمناها.
.
وفي الدول الغربية التي تسمح قوانينها بإجراء مثل هذه العمليات هناك احتياطات لا بد أن تسبق هذه .
فإذا أصر الشخص بعد هذه الفترة على رغبته في التحول فإنه يُعطى هرمونات لتغير شكل الجسم إلى الجنس الذي يرغبه، ويطلب منه أن يعيش في المجتمع لمدة عام بالهوية الجنسية التي يرغبها، فإذا نجح في ذلك ورأى أنه متوافق بهذه الهوية الجديدة يبدأ الجراح في ترتيبات إجراء العملية الجراحية بعد أن يشرح للمريض بالتفصيل عوامل النجاح والفشل في تلك العمليات.
سُئل فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة والذي قدمته قناة الجزيرة الفضائية يوم الأحد الموافق 31 من مايو 1998 عن رأي الدين في عملية التحول الجنسي فقال:
"في مثل هذه الأمور في الحقيقة، تحويل الذكر المكتمل الذكورة ظاهرًا أو باطنًا إلى أنثى أو العكس، هذه جريمة وهي من تغيير خلق الله عز وجل، واستجابة للشيطان الذي قال: {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ} [النساء: 119]، فإبليس أغرى الناس بتغيير خلق الله، فهذا من تغيير خلق الله، ومنذ سنوات ما حدث في جامعة الأزهر، هذا الطالب الذي كان في كلية الطب سيد ثم حولوه إلى سالي، فهذه قضية غريبة، وهذا الشخص الذي تجرى له عملية التحول لا يستطيع أن يمارس الحياة الزوجية".
وحين رد مقدم البرنامج على فضيلة الشيخ القرضاوي بأن الأطباء يجرون عملية التحول الجنسي؛ لكي يطابقوا بين جسد المريض وإحساسه، رد فضيلته بقوله:
"الإحساس ليس كل شيء، فيجب أن نحاول معالجة هذا الإحساس نفسيًّا مع أساتذة متخصصين، نهيئ له بيئة تساعده على هذا، أما كل من أحس بشيء نستجيب له، فأنا جاءتني إحدى النساء، وهي من أسرة كبيرة وقالت أنا عندي إحساس بأني رجل، وسألتها بصراحة عن أعضائها الأنثوية، فقالت إنها كاملة تمامًا، ولكنها قالت إني لا أشعر بالأنوثة وكأني ولدت كذلك؛ لأني من صغري وأنا أحس بهذا، وإن بعض الأطباء قال إننا ممكن أن نحولك إلى رجل، فقلت لها هذا لا يجوز، فأنت أنثى مكتملة لا يجوز أن تتحولي إلى رجل، هذا لا يحل مشكلتك أيضًا، فلن تستطيعي أن تتزوجي ولا أن تنجبي أو تمارسي حياة، فالحقيقة هذا تغيير لخلق الله وهو من الكبائر ليس من مجرد المحرمات، ولا يجوز لطبيب خصوصًا لطبيب مسلم أن يمارس مثل هذا".
إذن فما زلنا أمام مشكلة تحتاج من الأطباء إلى مزيد من الجهد، وتحتاج من المجتمع إلى مزيد من الوعي، وتحتاج من المصابين بها إلى مزيد من الصبر والبصيرة؛ حتى لا يكون الخروج منها وقوعًا في مشكلات أكثر تعقيدًا.